أكدت لطيفة أخرباش رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أن “مما يفسر الاهتمام المتزايد والمتجدد الذي تحظى به مهام الخدمة العمومية للإعلام، الحضور الرقمي البارز لسائر أشكال التيارات الشعبوية ونظريات المؤامرة والأخبار الزائفة وباقي ممارسات التضليلكنتيجة للتطور الهائل الذي عرفه التواصل الرقمي وسطوة المنصات في الفضاء الإعلامي الشمولي“. جاء هذا التصريح في سياق مداخلتها بعنوان “الملاءمة والتطوير ضرورة ملحة للإعلام العمومي في زمن التحول الرقمي الشمولي“، في الندوة التي نظمتها عن بعد يوم 12 نونبر 2020، الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بتونس بصفتها رئيسة للشبكة الفرنكوفونية لهيئات تقنين الإعلام للفترة 2020-2021، حول موضوع “سبل تعريف ودعم خدمات الجودة للإعلام العمومي، خاصة في المجال الثقافي”.
قدمت أيضا أخرباش التي تتولى نيابة رئاسة الشبكة الإفريقية لتقنين الاتصال، بعض عناصر التصور الخاص لهيئات تقنين الإعلام إزاء إشكالية تأهيل الخدمة العمومية، معللة ذلك “بالتزام هيئات التقنين بإعطاء الأولوية للمصلحة العامة وإنعاش قيم التماسك الاجتماعي في المضامين الإعلامية، وكذا حماية جمهور الإعلام”. كما أوضحت أنه انطلاقا من هذا الانتداب، تشكل تقوية الخدمة العمومية بالنسبة لهيئة التقنين،ضرورة استراتيجية في زمن الغزارة الإعلامية والفوضى التحريرية “المنظمة“ من طرف المنصات“.
أما بخصوص أهداف وإكراهات العرض الثقافي للإعلام العمومي، فشددت أخرباش على “ضرورة أن تكون الثقافة مجالا للتميز بالنسبة للإعلام السمعي البصري العمومي الذي تؤهله خصوصيته ومهمتهوأرشيفه وتغطيته المجالية، أن يكون أداة نفيسة لإشعاع الهوية الثقافية والتعبيرات الفنية والإنتاجات المحلية”. وفي سياق حديثها عن الإكراهاتالتي تحول دون اضطلاع الإعلام العمومي بمهامه في مجال الإنتاج الثقافي، ذكرت رئيسة الهيأة العليا “افتقار الإذاعات والقنوات التلفزيةالعمومية، في غالب الأحيان، للميزانيات والوسائل وضعف هيكلة وإمكانياتقطاع الصناعات الثقافية والترفيهية“، إلا أنها اعتبرت أنه رغم هذه الإكراهات، يظل النجاح أمرا ممكنا إذا ما توفر حد أدنى من الإرادة والموارد، كما تثبت ذلك الدينامية التي أطلقتها كل من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد القناة الثانية، منذ سنة 2006، في مجال إنتاج برامج الخيال التلفزيونية
أشرفت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التونسية على تنظيم أشغال هذا المؤتمر المنعقد عن بُعد مع تأمين بثه المباشر على فيسبوك، بالتعاون مع المجلس الأعلى للسمعي البصري لفيدرالية والونيا–بروكسيل والمكتب الفدرالي للاتصال بسويسرا. وتناولت مداخلات المشاركين عدة مواضيع من بينها تحديد انتداب الإعلام العمومي، المقاربات المعتمدة لقياس والتحقق من الاضطلاع بهذا الانتداب، فضلا عن المبادرات المتنوعةلدعم تطوير الإبداع والإنتاج السمعيين البصريين.
يندرج تنظيم هذه الندوة التي عرفت مشاركة عدة هيئات تقنين من إفريقيا وأوروبا وأمريكا، ومسؤولي مجموعات إعلامية عمومية كبرى، وعددا من الخبراء والباحثين من ذوي الصيت في مجالي الإعلام والتقنين، في إطار إعمال خارطة طريق الشبكة الفرنكوفونية لهيئات تقنين الإعلام للفترة 2020-2021.
تجدر الإشارة إلى أن الشبكة الفرنكوفونية لهيئات تقنين الإعلام التيتأسست شهر يوليوز 2007 بواغادوغو، والتي تعد الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري عضوا نشيطا بها، تعمل على تعزيز التضامن وتقاسمالخبرات والتجارب بين أعضائها، كما تشكل فضاء للنقاش والتبادل حولالقضايا ذات الصلة بتقنين الإعلام، فضلا عن مساهمتها في برامجالتكوين والتعاون. ويظل تكريس دولة القانون والديموقراطية وحقوقالإنسان في صلب اهتمامات الشبكة التي تعتبر واحدة من الشبكاتالخمسة عشر المدعومة من طرف المنظمة الدولية للفرنكوفونية.