سعيد المفيدي
واقع حال حزب العدالة في تعاطيهم مع مشروع القانون الإطار للتعليم، هو دفاع ملفق عن تعريب المناهج، وتهافت نحو تدريس أبنائهم بمؤسسات لا تنتهج التعريب.
إن المتتبع والمعايش لعقدين من بانوراما إصلاح منظومة التعليم بالمغرب، سيذهله صراحة حجم التخطيط والتنظير ووضع الاستراتيجيات وتغيير المناهج وتنميق البرامج، وقد نختلف كثيرا في تقييم مرحلة الإصلاح، وقد تطفو على السطح أسئلة من قبيل:
– إلى متى هذا الإصلاح؟
– ما هي ضمانات نجاح هذه الإصلاحات؟
– أي إصلاح نريد لأي تعليم؟ واي تعليم نريد وبأي إصلاح؟
وكلها اسئلة منطقية تستحق الوقوف والتوقف عندها طويلا نقاشا واختلافا وتصويبا.
ولكن من باب العدل ان نعترف ان القائمين على الشان التعليمي بالمغرب، تنبأوا بالخلل وبادروا بالعمل، وهذه الإصلاحات جزء من باب البحث عن الدواء لمجابهة الداء.
إن الامم التي تحترم نفسها، والتي سبقتنا إلى اعتمال الإصلاح في ميادين شتى، ارست مقولة شهيرة ترصع بها عناوين إصلاحاتها وهي: “لكل إصلاح ضريبة ولكل تغيير مقاومة”
ولن نطيل في ذكر الضرايب والمقاومات المضادة لكل إصلاح سواء اكانت بعلم وهذه مصيبة، او عن غير علم وهذا بلاء عظيم.
وفي ظل الزوابع المثارة عن كل إصلاح يستهدف منظومة التعليم بالمغرب، تستوقفنا زوبعة’عصابة العدالة والتنمية في تعاطيها مع مشروع القانون الإطار للتعليم، قد تجلب علينا كلمة عصابة الكثير من الجدل، ولكنها الكلمة الأنسب لوصف حملتهم ضد القانون الإطار، ودعونا نفصل في أحقيتهم بهذه الكلمة، فالعصابة في معاجم اللغة العربية تعني: (جنود غير نظاميين يهاجمون عدوَّهم كلَّما سنحت لهم فرصة مناسبة ثمَّ يَفرُّون إلى مكانٍ آمِن) المستوى الأول من الكلمة يحمل دلالة الهجوم، وهذا الحزب معتاد على شن الهجوم اي موضوع او قضية من القضايا ما لم يكن هو من نظر وقعد لها، وإلا فسيسخر كل مريديه وذبابه لينتقصوا ويقتصوا من الطرح ويسفهوه بعلم او بغير علم، المهم أن الشيخ قال طماطم فهي طماطم ولو اجتمع الخلق اجمعين عل. كونها تفاحة.
المستوى الثاني من دلالة العصابة انهم بعد الهجوم يفرون إلى مكان آمن، وهنا عمق الإشكال، فلو دققنا في تفاصيل حياتية لهذه العصابة المدافعة باطلا عن تعريب المناهج سنجدهم اشد حرصا على تعليم ابنائهم في مؤسسات تعتمد مناهج مفرنسة، بل ويتسارعون إلى تمهيد وتذليل السبل لابنائهم وحفدتهم من اجل الالتحاق بجامعات السربون واكسفورد، ضمانا لمستقبلهم وحرصا على تكريس طبقية مقيتة يسعى مشروع القانون الإطار إلى محوها.
أما حضور التعصب في عقيدة العصابة فيتجلى واضحا في تجييش فقهائهم وشيوخهم وترتيب ندوات وملتقيات في فضل اللغة العربية، وأنها سبيل دخول الجنة، ويفتون في حرمة الفرنسية، وانها تبطل الوضوء والصيام، محاولين وضع الغشاوة على الناس حتى لا يكتشفوا ان من بين اعظم الجنان هي جنة الأرض، زان السعي وراء إتقان العلوم والفنون واللغات كيفما كانت يعد سعيا نحو التقدم والرقي.
والحاصل أن أبناء الشعب ليس لهم مكان لتعلم هذا الرقي والارتقاء إلا عبر مدرسة عمومية مجانية تلقن العربية والفرنسية والانجليزية وكل لغات الإنسانية، وتلقن الفنون والآداب وحضارات الشعوب وثقافات الأمم، لا ملجأ لهم إلا فصول القرى والحواضر، فلا طاقة لأسرهم بمصاريف ساعات الدعم ولا جامعات أروبا، ولن يصرف لآبائهم معاش استثنائي زيادة عن المعاش الوظيفي الذي يمكنهم من اختيارات متعددة ومتنوعة.
وطالما أن العصابة تتمتع بتعويضات خيالية وسيصرف لها معاشات استثنائية فليتشدقوا ملء أفواههم بالدفاع عن المدرسة المغربية، والحقيقة عكس ذلك.
لنا وطن متنوع يقبل الاختلاف والتعدد، ولنا مدرسة راهنها يلح على التنوع تنوع لغوي وفكري وثقافي وفني، ومتى تحقق هذا الرهان لكل الحق في الاختيار، المغاربة يريدون مدرسة المبدعين والفنانين والمخترعين والمفكرين والمثقفين، أما الدين عند المغاربة ففلسفة حياة هذا نهج الاولين واللاحقين، وفي كل هذا “فليتنافس المتنافسون